سلسلة الفوائد اليومية:
231- ترغيب العباد بالأعمال المستمر أجرها إلى يوم المعاد
(**) لاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ فِي انْقِطَاعِ عَمَل ابْنِ آدَمَ بِمَوْتِهِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لأَنَّ الْمَوْتَ عَجْزٌ كَامِلٌ عَنْ إِتْيَانِ الْعِبَادَاتِ أَدَاءً وَقَضَاءً.
(**) وَلأَنَّ الْمَيِّتَ قَدِ ارْتَحَل مِنْ دَارِ الاِبْتِلاَءِ وَالتَّكْلِيفِ إِلَى دَارِ الْجَزَاءِ.
(**) وَلَكِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِمَا تَسَبَّبَ إِلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ.
(**) قَالَ الله تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)} [ سورة الحشر]
(**) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ” رواه مسلم
(**) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ,-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا علمه ونشره, وَولدا صَالحا تَركه, ومصحفا وَرَّثَهُ, أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ, أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ, أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ, أَوْ صَدَقَةً أخرجهَا من مَاله فِي صِحَّته وحياته, يلْحقهُ من بعد مَوته».
[رَوَاهُ بن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان, وحسنه الألباني]
(**) وفي كتاب (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم), للقرطبيُّ (15/ 14)
(**) وقوله : (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث… ) الحديث.
(**) هذه بعد الثلاثُ الخصال إنما جرى عملها بعد الموت على من نسبت إليه؛ لأنه تسبب في ذلك، وحرص عليه، ونواه.
(**) ثم إن فوائدها متجددة بعده دائمةٌ؛ فصار كأنَّه باشرها بالفعل،
(**) وكذلك حكم كل ما سنَّ الإنسان من الخير ، فتكرر بعده؛ بدليل قوله ـصلى الله عليه وسلم ـ: (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها ، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة).
وقد تقدَّم الكلام على هذا الحديث في كتاب الزكاة.
(**) وإنما خصَّ هذه الثلاثة بالذكر في هذا الحديث، لأنَّها أصول الخير، وأغلب ما يقصد أهل الفضل بقاءه بعدهم.
(**) والصدقة الجارية بعد الموت هي: الْحُبُس، فكان حجَّة على من ينكر الْحُبُس.
(**) وفيه ما يدل على الحضِّ على تخليد العلوم الدينية بالتعليم والتصنيف ، وعلى الاجتهاد في حمل الأولاد على طريق الخير والصلاح ، ووصيتهم بالدعاء عند موته. اهـ
(**) وفي كتاب (شرح النووي على مسلم), (11/ 85)
(**) ( … وَفِيهِ بَيَانُ فَضِيلَةِ الْعِلْمِ وَالْحَثُّ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ وَالتَّرْغِيبُ فِي تَوْرِيثِهِ بِالتَّعْلِيمِ وَالتَّصْنِيفِ وَالْإِيضَاحِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ مِنَ الْعُلُومِ الْأَنْفَعَ فَالْأَنْفَعَ). اهـ
(**) وفي كتاب (مفتاح دار السعادة), لابن القيم (1/ 175)
(**) وَهَذَا من أعظم الأدلة على شرف الْعلم وفضله وَعظم ثَمَرَته فَإِن ثَوَابه يصل إلى الرجل بعد مَوته مَا دَامَ ينْتَفع بِهِ فَكَأَنَّهُ حَيّ لم يَنْقَطِع عمله مَعَ مَاله من حَيَاة الذّكر وَالثنَاء.
(**) فجريان أجره عَلَيْهِ إِذا انْقَطع عَن النَّاس ثَوَاب اعمالهم حَيَاة ثَانِيَة …). اهـ
(**) وفي كتاب (حاشية السيوطي على سنن النسائي), (6/ 251)
(**) وَذَكَرَ الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ أَنَّ حَمْلَ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ عَلَى (التَّأْلِيفِ) أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ أَطْوَلُ مُدَّةً, وَأَبْقَى عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ,
(**) وَرَأَيْتُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كُرَّاسَةٍ.
(**) قَالَ الْأَخْنَائِيُّ فِي كِتَابِ (الْبُشْرَى بِمَا يَلْحَقُ الْمَيِّتَ مِنَ الثَّوَابِ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى).
(**) قَوْلُهُ: (وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ) هُوَ مَا خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيمٍ أَوْ تَصْنِيفٍ وَرِوَايَةٍ,
(**) وَرُبَّمَا دَخَلَ فِي ذَلِكَ نَسْخُ كُتُبِ الْعِلْمِ وَتَسْطِيرُهَا وَضَبْطُهَا وَمُقَابَلَتُهَا وَتَحْرِيرُهَا وَالْإِتْقَانُ لَهَا بِالسَّمَاعِ وَكِتَابَةُ الطَّبَقَاتِ وَشِرَاءُ الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ شَرْطُهُ أَن يكون مُنْتَفعا بِهِ. اهـ
(**) وفي كتاب (طريق الهجرتين وباب السعادتين), لابن القيم (ص: 353)
(**) (… والأحاديث فى هذا كثيرة، وقد ذكرنا مائتى دليل على فضل العلم وأهله فى كتاب مفرد،
(**) فيالها من مرتبة ما أعلاها، ومنقبة ما أجلها وأسناها، أن يكون المرءُ فى حياته مشغولاً ببعض أشغاله، أو فى قبره قد صار أشلاء متمزقاً وأوصالاً متفرقة، وصحف حسناته متزايدة يملى فيها الحسنات كل وقت، وأعمال الخير مهداة إليه من حيث لا يحتسب,
(**) تلك والله المكارم والغنائم، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون، وعليه يحسد الحاسدون، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
(**) وحقيق بمرتبة هذا شأنها أن تنفق نفائس الأنفاس عليها، ويسبق السابقون إليها، وتوفر عليها الأوقات وتتوجه نحوها الطلبات،
(**) فنسأل الله الذى بيده مفاتيح كل خير أن يفتح علينا خزائن رحمته، ويجعلنا من أهل هذه الصفة بمنه وكرمه.
(**) وأصحاب هذه المرتبة يُدعون عظماءَ فى ملكوت السماءِ كما قال بعض السلف: من علم وعمل وعلَّم، فذلك يدعى عظيماً فى ملكوت السماء. اهـ
(**) قال الناظم:
لثلاثةٍ يجري الثوابُ على الفتى*
من بعد موتٍ وهي: علمٌ يؤثرُ
وابنٌ تخلّف صالحٌ أي مسلم*
وتصدّقٌ جارٍ كنهرٍ يحفرُ
(**) وفي كتاب ( غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب), (1/ 40) لشمس الدين، أبي العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي (المتوفى : 1188هـ)
(**) وَقَدْ أَوْصَلَ السُّيُوطِيّ مَنْ يَجْرِي عَمَلُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى عَشْرٍ، وَزَادَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَاقِي الْأَثَرِيُّ الْحَنْبَلِيُّ عَلَيْهَا ثَلَاثَةً،
(**) وَنَظَمَهَا السُّيُوطِيّ فِي أَبْيَاتٍ فَغَيَّرَ بَعْضَهَا شَيْخُ مَشَايِخِنَا وَزَادَ الْأَخِيرَيْنِ فَقَالَ:
إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ جَاءَ يَجْرِي*
عَلَيْهِ الْأَجْرُ عَدَّ ثَلَاثَ عَشْرَ
عُلُومٌ بَثَّهَا وَدُعَاءُ نَجْلٍ*
وَغَرْسُ النَّخْلِ وَالصَّدَقَاتُ تَجْرِي
وِرَاثَةُ مُصْحَفٍ وَرِبَاطُ ثَغْرٍ*
وَحَفْرُ الْبِئْرِ أَوْ إجْرَاءُ نَهْرِ
وَتَعْلِيمٌ لِقُرْآنٍ كَرِيمٍ*
شَهِيدٌ فِي الْقِتَالِ لِأَجَلِ بِرِّ
كَذَا مَنْ سَنَّ صَالِحَةً لِيُقْفَى*
فَخُذْهَا مِنْ أَحَادِيثَ بِشِعْرِ
(**) وَقَدْ ذَكَرْت فِي كِتَابِي الْقَوْلِ الْعَلِيِّ فِي شَرْحِ أَثَرِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ مِنْ فَضْلِ الْعِلْمِ وَتَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ مَا يَكْفِي وَيَشْفِي. اهـ
(**) وفي كتاب (عون المعبود وحاشية ابن القيم) (8/ 62) لمحمد أشرف بن أمير بن علي بن حيدر، أبي عبد الرحمن، شرف الحق، الصديقي، العظيم آبادي (المتوفى: 1329هـ)
(**) وَوَرَدَ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ زِيَادَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَتَتَبَّعَهَا السُّيُوطِيُّ فَبَلَغَتْ أَحَدَ عَشَرَ وَنَظَمَهَا فِي قَوْلِهِ: . . .
(**) وَسَبَقَهُ إلى ذلك بن الْعِمَادِ فَعَدَّهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ, وَسَرَدَ أَحَادِيثَهَا,
(**) وَالْكُلُّ رَاجِعٌ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثِ. انْتَهَى
() من المراجع:
() كتاب (إكمال المعلم بفوائد مسلم), للقاضي عياض (5/ 373)
(**) وكتاب (شرح السيوطي على مسلم), (4/ 228)
لعبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) دليل
(**) وكتاب (الفالحين لطرق رياض الصالحين) (7/ 177)
لمحمد علي بن محمد بن علان بن إبراهيم البكري الصديقي الشافعي (المتوفى: 1057هـ)
(**) وكتاب (التنوير شرح الجامع الصغير) (2/ 208)
لمحمد بن إسماعيل المعروف بالأمير الصنعاني (المتوفى: 1182هـ)
(**) وكتاب (سبل السلام), (2/ 127)
لمحمد بن إسماعيل المعروف بالأمير الصنعاني (المتوفى: 1182هـ)
() وكتاب (الموسوعة الفقهية الكويتية), (39/ 255)
() وكتاب (أحكام الجنائز), للشيخ الألباني (1/ 168)
(ما ينتفع به الميت)
(**) والله الموفق.
(**) كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
(**) السبت 24 / 6 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/11613
==============