سلسلة الفوائد اليومية:
224- من أشد الأشياء على النفوس ظلم الأقارب
(**) إذا كان الظلم كله سيئ فإن من أسوء الظلم ظلم القرابة، فهو يدل على الخساسة والنذالة والدناءة.
(**) قال الله تعالى {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}
(**) وعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عِبَادٍ الدِّيلِيِّ، وَكَانَ جَاهِلِيًّا أَسْلَمَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَ عَيْنِي بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ، يَقُولُ: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، تُفْلِحُوا ” وَيَدْخُلُ فِي فِجَاجِهَا وَالنَّاسُ مُتَقَصِّفُونَ عَلَيْهِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَقُولُ شَيْئًا، وَهُوَ لَا يَسْكُتُ،يَقُولُ: ” أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ تُفْلِحُوا ” إِلَّا أَنَّ وَرَاءَهُ رَجُلًا أَحْوَلَ وَضِيءَ الْوَجْهِ، ذَا غَدِيرَتَيْنِ يَقُولُ: إِنَّهُ صَابِئٌ، كَاذِبٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَهُوَ يَذْكُرُ النُّبُوَّةَ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا الَّذِي يُكَذِّبُهُ؟ قَالُوا: عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ، قُلْتُ: إِنَّكَ كُنْتَ يَوْمَئِذٍ صَغِيرًا، قَالَ: لَا وَاللهِ إِنِّي يَوْمَئِذٍ لَأَعْقِلُ.
[روى الإمام أحمد وغيره, وصححه الشيخان]
(**) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ» رواه مسلم
() وفي (شرح النووي على مسلم), (16/ 115)
() (المل)-بفتح الميم-: الرماد الحار.
() و(تسفهم) بضم التاء وكسر السين وتشديد الفاء.
() و(الظهير) الْمُعِينُ وَالدَّافِعُ لِأَذَاهُمْ.
() وَقَوْلُهُ: (أَحْلُمُ عَنْهُمْ) بِضَمِّ اللَّامِ.
() وَ(يَجْهَلُونَ) أَيْ: يُسِيئُونَ, وَالْجَهْلُ هُنَا: الْقَبِيحُ مِنَ الْقَوْلِ,
() وَمَعْنَاهُ: كَأَنَّمَا تُطْعِمُهُمُ الرَّمَادَ الْحَارَّ, وَهُوَ تَشْبِيهٌ لِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الْأَلَمِ بِمَا يَلْحَقُ آكِلِ الرَّمَادَ الْحَارَّ مِنَ الْأَلَمِ.
() وَلَا شيء عَلَى هَذَا الْمُحْسِنِ, بَلْ يَنَالُهُمُ الْإِثْمُ الْعَظِيمُ فِي قَطِيعَتِهِ وَإِدْخَالِهِمُ الْأَذَى عَلَيْهِ.
() وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّكَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ تُخْزِيهِمْ وَتُحَقِّرُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ لِكَثْرَةِ إِحْسَانِكَ وَقَبِيحِ فِعْلِهِمْ مِنَ الْخِزْيِ وَالْحَقَارَةِ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ كَمَنْ يُسَفُّ الْمَلُّ.
() وَقِيلَ: ذَلِكَ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ مِنْ إِحْسَانِكَ كَالْمَلِّ يُحَرِّقُ أَحْشَاءَهُمْ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ
(**) وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ»
[رواه أبو داود وغيره, وصححه الشيخان: (الوادعي و الألباني)
(**) وفي كتاب (مجمع الأمثال), لأبي الفضل أحمد بن محمد الميداني
(المتوفى: 518هـ), (1/ 447)
() (ظُلْمُ الأقَارِبِ أشَدُّ مَضَضاً مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ).
() قلت: هذا معنى قديم، فإنه في مشهور شعر الجاهلية،
() قال طرفة:
فَظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أشَدُّ مَضَاضَةً
عَلَى الْمَرْءِ مِنْ وَقْعِ الْحُسَامِ الْمُهَنَّد.
انتهى.
() وقوله: (أشد مضاضة) أي: أشد حرقة وأعظم إيلامًا.
() وفي كتاب ( الذخائر والعبقريات), (1/ 43)
() وقال الشريف الرّضيّ:
ولِلذُّلِّ بين الأقربينَ مَضاضةٌ
والذُّلُّ ما بينَ الأباعدِ أرْوَحُ
وإذا أتَتْكَ مِن الرجالِ قَوَارِصٌٌ
فسِهامُ ذِي القُربى القريبةِ أجْرَحُ.
انتهى.
(**) وقال شاعر:
من الناس من يغشى الأباعد نفعه
ويشقى به حتى الممات أقاربه
فإن كان خيرا فالبعيد يناله
وإن كان شرا فابن عمك صاحبه
(**) وفي كتاب (الآداب النافعة بالألفاظ المختارة الجامعة), (ص: 40)
لأبي الفضل جعفر بن محمد (شمس الخلافة)، الملقب مجد الملك
(المتوفى: 622هـ)
ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة
بين الرجال، ولو كانوا ذوي رحم
(**) والله الموفق.
(**) كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
(**) الأربعاء 29 / 5 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/11613
==============