سلسة الفوائد النحوية:
62- ذِكْرُ الْأُمُوْرِ الَّتِيْ تُعْرَفُ بِهَا عُجْمَةُ الْكَلِمَةِ
المُرَاد بالعجمة: كل مَا نقل إِلَى اللِّسَان الْعَرَبِيّ من لِسَان غَيرهَا سَوَاء كَانَ من لُغَة الْفرس, أَو الرّوم, أم الْحَبَشَة, أم الْهِنْد, أم البربر, أم الإفرنج أم غير ذَلِك.
وتعرف عجمة الِاسْم بِوُجُوه ذكرها أئمة اللغة:
1- أحدها: النقل: بأن ينقل ذلك أحد أئمة العربية كإيراد سيبويه في (الكتاب) في باب الأسماء الأعجمية بعض هذه الأسماء:
كاللجام، والديباج، واليرنج، والنيروز، والزنجبيل، والياسمين، وبعض الأعلام كإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وهرمز، وفيروز، وقارون، وفرعون.
2- والثاني: خروجه عن أوزان الأسماء العربية نحو: (إبريسم)، فإن مثل هذا الوزن، وهو “إفعيلَلْ” مفقود في أبنية الأسماء في اللسان العربي. و(الإبريسم): هو أحسن الحرير.
3- والثالث: أن يكون في أوله نون ثم راء نحو: (نرجس)، أو آخره زاي بعد دال نحو: (مهندز)، فإن ذلك لا يكون في كلمة عربية.
ولما لم يوجد مثل هذا التَّتابُع في لِسانِ العَربِ قلَبوا الزَّايَ سيناً فقالُوا: (مُهَنْدِس).
و(النرجس): – بالكسر- اسم لنوع من الرياحين.
و(المهندز): الذي يقدر مجاري القني والأبنية.
4- والرابع: أن يجتَمِعَ فيه من الحُروفِ ما لا يجتمِعُ في كلامِ العَرَبِ مثْلُ:
(أ) اجتماعِ الجِيم والصَّادِ في نحو: (صَوْلَجان)، وهو المحجن أي: العصا المعوجَّة،
و(الجص) وهو -بفتح الجيم وكسرها-: ما يُبنى، أو يُطلى به البيت.
(ب) أو الجِيمِ والقافِ في نحوِ: (مَنْجَنِيق)، وهو آلة لرمي العدو بحجارة
كبيرة، وقد اختلف العلماء في ميمه بين الأصالة والزيادة، وهي عند سيبويه من نفس الكلمة.
(ج) أَو الكافِ والجِيمِ في نحوِ: (سُكُرُّجَةٍ), وهي – بِضَمِّ السِّينِ وَالْكَافِ وَالرَّاءِ الثَّقِيلَةِ بَعْدَهَا جِيمٌ مَفْتُوحَةٌ- إِنَاءٌ صَغِيرٌ يُؤْكَلُ فِيهِ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ مِنَ الْأُدْمِ, وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ.
وفي صحيح البخاري (7/ 70):
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «مَا عَلِمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ عَلَى (سُكْرُجَةٍ) قَطُّ، وَلاَ خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ قَطُّ، وَلاَ أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ». قِيلَ لِقَتَادَةَ: فَعَلاَمَ كَانُوا يَأْكُلُونَ؟ قَالَ: «عَلَى السُّفَرِ».
5- والخامس: أَن يكون عَارِيا من حُرُوف الذلاقة وَهُوَ رباعي أَو خماسي.
وحروف الذلاقة: سِتَّة, وهي الميم والرّاء والباء الموحّدة والنون والفاء واللام- يجمعها قَوْلك: (مر بنفل).
وهذه الحروف أخفّ الحروف، ولا ينفكّ رباعي أو خماسي متى كان عربيًّا من حرف منها إلا شاذًّا كـ(العسجد)، وهو الذهب، وهو أيضًا: الجوهر كله كالدُّرّ والياقوت، ويقال كذلك: (بعير عسجد) إذا كان ضخمًا، وذلك لأن الرباعي والخماسي ثقيلان فلم يخليا من حرف سهل خفيف على اللسان.
(**) وقد نظم السيوطي بعض هذه الضوابط بقوله:
وتعرف العجمة بالنقل وأن ∴ يخرج عن وزن به الاسم اتزن
وإن تلا في الابتدا النون را ∴ والدال زاي أو رباعي عرا
عن الذلاقة وماذا تبعا ∴ والصاد أو قاف وجيم جمعا
() فائدة:
() قد صنّف أبو منصور الجواليقي في الأسماء الأعجمية المعربة كتابا حسنا سماه: «المعرّب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم»
() من المراجع:
() كتاب (تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد), (8/ 4001)
لمحمد بن يوسف المعروف بناظر الجيش (المتوفى: 778 هـ)
() وكتاب (همع الهوامع), للسيوطي (1/ 119)
() وكتاب (الاقتراح في أصول النحو), للسيوطي (ص: 36)
() وكتاب (لسان العرب), لابن منظور (6/ 230)
() وكتاب (شرح التصريح على التوضيح), للأزهري (2/ 334)
() وكتاب (حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك) (3/ 378)
() وكتاب (حاشية الخضري على ابن عقيل) (3/ 34)
() وكتاب (النحو إلى أصول النحو), (ص: 3) لعبد الله بن سليمان العُتَيِّق
() وكتاب (أصول النحو 1 – جامعة المدينة) (ص: 60)
(**) والله الموفق.
(**) كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
(**) الجمعة 17 / 5 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :