سلسة الفوائد النحوية:
54- ذكر بعض الأقوال التي تذم تعلم النحو!
(**) قد ورد في ذم النحو بعض الأقوال الشاذة التي لم يوفق أصحابها للصواب, نذكر بعضا منها.
() فمن ذلك ما جاء في كتاب: (اقتضاء العلم العمل), للخطيب البغدادي (ص: 91):
() عن الْقَاسِم بْن مُخَيْمِرَةَ أنه قال: «تَعَلُّمُ النَّحْوِ أَوَّلُهُ شُغْلٌ وَآخِرُهُ
بَغِيٌ». اهـ
(**) وذكر الخطيب البغدادي أيضا في كتابه: (اقتضاء العلم العمل), (ص: 93): بسنده إلى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى السِّمْسَارُ، قَالَ:
” كُنَّا عِنْدَ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ، وَعِنْدَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ،
فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا نَصْرٍ, أَنْتَ رَجُلٌ قَدْ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ وَكَتَبْتَ الْحَدِيثَ، فَلِمَ لَا تَتَعَلَّمُ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ مَا تَعْرِفُ بِهِ اللَّحْنَ حَتَّى لَا تَلْحَنُ،
قَالَ: وَمَنْ يُعَلِّمُنِي يَا أَبَا الْفَضْلِ؟ قَالَ: أَنَا يَا أَبَا نَصْرٍ، قَالَ: فَافْعَلْ.
قَالَ: قُلْ: (ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا)، قَالَ: فَقَالَ لَهُ بِشْرٌ: يَا أَخِي وَلِمَ ضَرَبَهُ؟
قَالَ: يَا أَبَا نَصْرٍ مَا ضَرَبَهُ، وَإِنَّمَا هَذَا أَصْلٌ وُضِعَ،
فَقَالَ بِشْرٌ: هَذَا أَوَّلُهُ كَذِبٌ, لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ”. اهـ
(**) وقول الآخر- ولم أقف له على مصدر-:
لا إلى النَّحو جئتكم
لا ولا فيه أرغبُ
أَنَا مَالي وَلامريء
أَبَدَ الدَّهر يُضْربُ
دعُوا زَيْدًا وَشَأنه
أَينَمَا شَاء يَذهبُ
واستَمع قَولَ عَاشق
قَد شجاه التطربُ
هَمُّه الدَّهرَ طَفلَة
فَهوَ فيهَا يشببُ
(**) فرد عليه القائلُ فأَبْدعَ:
مَن جَفَا النَّحوَ مَا لَه
في دجَى الليل كَوكَبُ
كَيفَ يُدَعَى محَدثاً
أَو إلَى الفقه يُنسَبُ
فَهوَ شَخص مغَفَّلٌ
فيه جَهلٌ مرَكَّبُ
() وفي كتاب 🙁 عمدة الكتاب لأبي جعفر النحاس (ص: 35)
() قال أبو جعفرٍ: وقد صار أكثر من مضى يطعن على متعلمي العربية جهلاً وتعدياً، حتى إنهم يحتجون بما يزعمون أن القاسم بن مخيمرة قال: النحو أوله شغلٌ وآخره بغيٌ.
() . . . وأما قول القاسم بن مخيمرة، فإن صح فإنه مخالفٌ لقول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيه،
() وما كان كذلك لم يجز لمسلمٍ أن يحتج به.
(**) وأيضاً فقوله: ” أوله شغلٌ وآخره بغيٌ؛ ” كلامٌ لا معنى له؛ لأن أول الفقه شغلٌ، وأول الحساب شغلٌ، وآخره بغيٌ، وكذا أوائل العلوم، أفترى الناس تاركين العلوم من أجل أن أولها شغلٌ!؟
(**) وقوله: وآخره بغيٌ، إن كان يريد به أن صاحب النحو إذا حذقه صار فيه زهوٌ واستحقر من يلحن، فهذا موجودٌ في غيره من العلوم من الفقه وغيره في بعض الناس، وإن كان مكروهاً.
(**) وإن كان يريد بالبغي التجاوز في ما لا يحل فهذا كلامٌ محالٌ، لأن النحو إنما هو لتعلم اللغة التي نزل بها القرآن، وهي لغة النبي صلى الله عليه وكلام أهل الجنة وأهل السماء؛ كما قال مقاتل بن حيان: كلام أهل السماء العربية. …
(**) وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى: أما بعد؛ فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية.
(**) وقال أبي بن كعبٍ: تعلموا العربية كما تعلمون حفظ القرآن.
**وقال مورقٌ: تعلموا النحو والفرائض، فإنه من دينكم.
() وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى: مر من قبلك بتعلم العربية فإنه يدل على صواب الكلام، ومرهم برواية الشعر فإنه يدل على معالي الأخلاق.
() ومر الحسن بقومٍ يتعلمون العربية، فقال: أحسنوا، يتعلمون
لغة نبيهم صلى الله عليه وسلم.
(**) وإن الحسن قال: من لحن في القرآن فقد كذب على الله.
(**) وقال هشام بن عروة: خرج علينا أبي يوماً ومعلمنا يعلمنا النحو، فلما خرج أبي أسكتنا المعلم، فجلس أبي، فقال للمعلم: مرهم فليتعلموا، فما أحدث أحدٌ مروءةً هي أعجب إلي من النحو.
(**) وقال الزهري: ما أحدث الناس مروءةً هي أعجب إلي من الفصاحة.
(**) وقال الخليل بن أحمد: لحن أيوب [السختياني] ، فقال: أستغفر الله.
(**) وقال شعبة: تعلموا العربية، فإنها تزيد في العقل.
(**) وقال قتادة: لا أسأل عن عقل رجلٍ لم يدله عقله على أن يتعلم من العربية ما يصلح لسانه.
(**) وقال عمر رضي الله عنه: تعلموا العربية، فإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة.
(**) وقال رضي الله عنه: تعلموا إعراب القرآن كما تعلمون حفظه.
(**) قال أبو جعفر: وقد كان الكتاب فيما مضى أرغب الناس في علم النحو وأكثرهم تعظيماً لأهله، حتى دخل فيهم من لا يستحق هذا الاسم، فصعب عليه باب العدد، فعابوا من الإعراب الحساب… الخ. اهـ
تنبيه: هذه الأبيات: (لا إلى النَّحو جئتكم … ) حفظناها من شيخنا الألمعي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى.
() من المراجع:
() كتاب: (تاريخ دمشق) لأبي القاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكر (المتوفى: 571هـ), (10/ 188),
ترجمة بشر بن الحارث برقم: (881)
() وكتاب: (حلية طالب العلم), لبكر بن عبد الله أبو زيد (المتوفى: 1429هـ),(ص: 201)
() أرشيف ملتقى أهل الحديث – 1 (71/ 377)
(**) والله الموفق.
(**) كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
(**) الأربعاء 1 / 5 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :