سلسة الفوائد النحوية:
42- مكانة الشعر عند العرب
() للشعر -عند العرب في الجاهلية والإسلام- المكانة العالية والمنزلة الرفيعة,
() وليس هذا عند العرب فقط, بل استمر هذا الأمر إلى وقتنا هذا, ونحن نرى الشعراء يتصدرون المجالس والمحافل, وتدون أقوالهم ويتناقلها الناس هنا وهناك.
() فهنيئا لمن استعمل لسانه وقلمه وفكره وقريحته في إظهار محاسن الإسلام وفضائله وأخلاقه الكريمة وصفاته الحميدة,
() ودافع عنه من خصومه من الكفار والمنافقين والمبتدعة المضللين وبعض أبنائه المنحرفين الذين شوهوا صورته الحسنة بطريقة أو بأخرى, بقصد أو بغير قصد.
() وعَنْ عَائِشَةَ،-رضي الله عنها- قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ: «إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ، مَا نَافَحْتَ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ»،
وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى»
() قَالَ حَسَّانُ: [البحر الوافر]
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ
وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا
رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي
لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
… الخ . رواه مسلم.
() قال السيوطي في كتابه: (المزهر في علوم اللغة وأنواعها) (2/ 398):
() النوع التاسع والأربعون
(**) (معرفة الشعر والشعراء)
() قال ابن فارس في فقه اللغة:
الشعرُ كلام موزونٌ مقفى، دال على معنى، ويكون أكثرَ من بيت.
……………………………..
() ثم قال ابن فارس:
() والشعر ديوان العرب، وبه حفظت الأنساب وعُرِفت المآثر، ومنه تُعُلِّمت اللغة،
() وهو حُجَّة فيما أشكل من غريب كتاب الله، وغريب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديث صحابته والتابعين،
(**) وقد يكون شاعرٌ أشعر، وشِعْرٌ أحلى وأظرف فأما أن تتفاوت الأشعار القديمة حتى يتباعد ما بينهما في الجودة فلا وبكلٍّ يُحتج، وإلى كل يُحتاج.
(**) فأما الاختيارُ الذي يراه الناس للناس فشهوات كلٌّ يستحسن شيئا.
() والشعراء أُمَراء الكلام، يَقْصرون الممدود، ويَمُدُّون المقصور،
ويُقَدِّمون ويؤخرون، ويومِئون ويشُيرون، ويختلسون ويُعيرون
ويَسْتعيرون.
() فأما لحنٌ في إعراب، أو إزالة كلمة عن نَهج صواب فليس لهم
ذلك.
() وقال ابن رشيق في العمدة:
() العرب أفضل الأمم، وَحِكْمَتُها أشرف الحِكَم كفضل اللسان على اليد.
……………………………..
() وكان الكلامُ كله منثورا، فاحتاجت العرب إلى الغِناء بمكارم أخلاقها، وطَيِّب أعراقها، وذكرِ أيامها الصالحة، وأوطانها النازحة، وفُرسَانها الأَنجاد، وسمحائها الأجواد لتهز نفوسها إلى الكرم، وتدل أبناءها على حسن الشيم,
() فتوهموا أعاريض فعملوها موازين للكلام، فلما تم لهم وزنه سموه شعرا، لأنهم قد شَعروا به أي فَطِنوا له.
……………………………..
() قال ابنُ رشيق:
() وكانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنَّأتها
بذلك وصنعت الأطعمة، واجتمع النساء يلعبْن بالمزَاهِر كما يصنعن في
الأعراس، وتتباشر الرجال والولْدَان لأنه حِماية لأعراضهم، وذَبٌّ عن
أحسابهم، وتخليد لمآثرهم، وإشادَةٌ لِذِكْرِهِمْ وكانوا لا يهنئون إلا بغلام
يولد، أو شاعر ينبغ فيهم، أو فرس تُنتج. اهـ باختصار
() قصة طريفة:
() قال الأهدل في كتابه: الكوكب الدرية [ص: 497]
وهو يشرح بيت امرئ القيس: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل:
() هذا البيت من قصيدة من الطويل, قاله امرؤ القيس بن حجر –بضم الحاء- بن الحارث الكندي الشاعر الجاهلي المشهور,
() وهو أول من قصد القصائد, وأول شعر قاله: أنه لما راهق الحلم ولم يقل شعرا قال أبوه: ليس هذا بابني؛ إنه لو كان كذلك لقال شعرا,
() فقال لاثنين من أصحابه: خذاه واذهبا به إلى مكان كذا وكذا فاذبحاه وائتياني بدمه,
() فمضيا به حتى وصلا المحل المعين فشرعا ليذبحاه, فبكى وقال: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل … البيت,
() فرجعا به إلى أبيه وقالا له: هذا أشعر من على وجه الأرض؛ فقد وقف واستوقف وبكى واستبكى ونعى الحبيب والمنزل في نصف بيت,
() فقام إليه واعتنقه, وقال: أنت ابني حقا. اهـ
(**) والله الموفق.
(**) كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
(**) الإثنين 15 / 4 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :