سلسلة الفوائد اليومية:
188- ذكر أولي العزم من الرسل
(**) قَالَ تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}
(**) أولو العزم: أي أصحاب الجد والثبات والصبر على الشدائد
والبلاء.
(**) وهم- على أشهر الأقوال-: خمسة:
نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلى الله وسلم عليهم أجمعين.
(**) وقد ذكرهم الله مجموعين في آيتين من سور القرآن الكريم.
() الأولى: في سورة الأحزاب في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}.
() والثانية في سورة الشورى في قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}
(**) وذكروا أيضا مجموعين في قول بعضهم:
أُوْلُواْ الْعَزْمِ نُوحٌ وَالْخَلِيلُ كِلاَهُمَا *
ومُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبيُّ مُحَمَّدُ
(**) قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (7/ 282):
(**) وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَعْدَادِ أُولِي الْعَزْمِ عَلَى أَقْوَالٍ, وَأَشْهَرُهَا أَنَّهُمْ:
نُوحٌ, وَإِبْرَاهِيمُ, وَمُوسَى, وعيسى, وخاتم الأنبياء مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
(**) قَدْ نَصَّ الله تعالى عَلَى أَسْمَائِهِمْ مِنْ بَيْنِ الْأَنْبِيَاءِ فِي آيَتَيْنِ من سورتي الأحزاب والشورى.
(**) وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِأُولِي الْعَزْمِ جميع الرسل فتكون (مِنْ) فِي قَوْلِهِ مِنَ الرُّسُلِ لِبَيَانِ الْجِنْسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(**) وقال الشنقيطي في تفسيره (أضواء البيان) (7/ 241):
(**) قَوْلُهُ – تَعَالَى -: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}.
(**) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِأُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا.
(**) وَأَشْهُرُ الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ خَمْسَةٌ، وَهُمُ الَّذِينَ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمْ فِي «الْأَحْزَابِ» وَ «الشُّورَى» ، وَهُمْ نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ – عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
(**) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَالرُّسُلُ الَّذِينَ أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنْ يَصْبِرَ كَمَا صَبَرُوا – أَرْبَعَةٌ، فَصَارَ هُوَ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – خَامِسَهُمْ.
(**) وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِأُولِي الْعَزْمِ جَمِيعُ الرُّسُلِ – عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – وَأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ فِي قَوْلِهِ: مِنَ الرُّسُلِ بَيَانِيَّةٌ يَظْهَرُ أَنَّهُ خِلَافُ التَّحْقِيقِ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ، كَقَوْلِهِ – تَعَالَى -: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ الْآيَةَ،
(**) فَأَمَرَ اللَّهُ – جَلَّ وَعَلَا – نَبِيَّهُ فِي آيَةِ «الْقَلَمِ» هَذِهِ بِالصَّبْرِ، وَنَهَاهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ يُونُسَ ; لِأَنَّهُ هُوَ صَاحِبُ الْحُوتِ، وَكَقَوْلِهِ: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا.
(**) فَآيَةُ «الْقَلَمِ» ، وَآيَةُ «طه» الْمَذْكُورَتَانِ كِلْتَاهُمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ الَّذِينَ أُمِرَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِأَنْ يَصْبِرَ كَصَبْرِهِمْ لَيْسُوا جَمِيعَ الرُّسُلِ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ – تَعَالَى -. اهـ
(**) وأفضلهم محمد، ثم، إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم نوح.
(**) وفي كتاب: (شرح الأربعين النووية) لابن دقيق العيد (ص:15):
(**) وأولوا العزم منهم مجموعون في قول بعضهم:
محمد إبراهيم موسى كليمه *
فعيسى فنوح هم أولوا العزم فاعلم
(**) وهم في الفضل على هذا الترتيب. اهـ
() وفي كتاب: (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين) (5/ 73)
() وأفضلهم محمد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أنا سيد الناس يوم القيامة » . متفق عليه،
() وصلاتهم خلفه ليلة المعراج وغير ذلك من الأدلة.
() ثم إبراهيم؛ لأنه أبو الأنبياء وملته أصل الملل،
() ثم موسى؛ لأنه أفضل أنبياء بني إسرائيل وشريعته أصل شرائعهم،
() ثم نوح وعيسى, لا يجزم بالمفاضلة بينهما؛ لأن لكل منهما مزية. اهـ
** والله الموفق.
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الإثنين 8 / 11 / 1441 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/11613
==============