binthabt.al3ilm.net
1441{41} أحكام الاعتكاف
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ: 41- أحكام الاعتكاف ** الاعتكاف: عبادة عظيمة وطاعة جليلة, فيه تزكية للنفس وتطهير للقلب حيث ينقطع المسلم الأواب إلى ربه سبحانه وتعالى مستأنسا بقربه متلذذا بمناجاته منكسرا بين يديه متقربا إليه بجميع أنواع العبادة. ** فهو للنفس عزلة مؤقتة عن الخلق وشواغل الدنيا، وإقبال على الخالق سبحانه وتعالى إقبالا كليا، خاصة في ختام شهر رمضان المبارك، حيث ترجى ليلة القدر. ** قال الحافظ ابن رجب في كتابه: ( لطائف المعارف), (ص:191): ** (معنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق، للاتصال بخدمة الخالق، وكلما قويت المعرفة بالله، والمحبة له، والأنس به، أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال). ** وقال أيضا في (ص: 190): ** فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه فما بقي له هم سوى الله وما يرضيه عنه. ** والكلام على الاعتكاف وأحكامه في هذه المسائل الآتية: (1) تعريف الاعتكاف, لغة وشرعا: ** الِاعْتِكَافُ لُغَةً: لُزُومُ الشَّيْءِ وَحَبْسُ النَّفْسِ عَلَيْهِ, خيراً كان أو شراً. ** يُقال: عكَف بالمكان: إِذا أقام به، ومنه قوله تعالى: {يعكفون على أصنام لهم} ** وشرعا: له تعاريف كثيرة متقاربة, منها: ** (لزوم المسجد بنية التعبد لله, من شخص مخصوص على صفة مخصوصة). ** وعرفه ابن حزم في المحلى (3/ 394): فقال: ** الاعْتِكَافُ: هُوَ الإِقَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ بِنِيَّةِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَاعَةً فَمَا فَوْقَهَا، لَيْلا، أَوْ نَهَارًا. اهـ (2) وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع: ** فمن الكتاب: قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد}, ومثله: {أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين} ** ومن السنة: أحاديث كثيرة منها: ** عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. متفق عليه . ** وأما الإجماع: فقد نقله غير واحد من أهل العلم, منهم: ابن المنذر والنووي وابن قدامة. ** قال ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (ص50): 130- "وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذرا فيجب عليه". اهـ ** وفي (فتح الباري), لابن حجر (4/ 285): ** وَقد روى بن الْمُنْذر عَن ابن شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: عَجَبًا لِلْمُسْلِمِينَ تَرَكُوا الِاعْتِكَافَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكْهُ مُنْذُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. اهـ (3) حكمه: ** الاعتكاف مستحب, ويتأكد استحبابه في العشر الأواخر من رمضان, وليس بواجب إلا بالنذر اتفاقا, كما تقدم قريبا في كلام ابن المنذر. ** قال النووي في المجموع شرح المهذب (6/ 475) ** الاعتكاف سنة بالإجماع, ولا يجب إلا بالنذر بالإجماع. ** ويستحب الاكثار منه, ويستحب ويتأكد استحبابه في العشر الاواخر من شهر رمضان, للاحاديث السابقة هنا وفى الباب قبله في ليلة القدر لرجائها. ** وهذا الاستحباب هو في حق الرجال والنساء على حد سواء. ** إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (2/ 226) ** وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ مُطْلَقِ الِاعْتِكَافِ، وَاسْتِحْبَابُهُ فِي رَمَضَانَ بِخُصُوصِهِ، وَفِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ بِخُصُوصِهَا، وَفِيهِ تَأْكِيدُ هَذَا الِاسْتِحْبَابِ بِمَا أَشْعَرَ بِهِ اللَّفْظُ مِنْ الْمُدَاوَمَةِ، وَبِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، مِنْ قَوْلِهَا: "فِي كُلِّ رَمَضَانَ" وَبِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلِ أَزْوَاجِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِوَاءِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ. (4) الحكمة منه: ** من حِكَم الاعتكاف صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى بلمِّ شعثه بالإقبال على الله تعالى وترك فضول المباحات وتحقيق الأنس بالله تعالى والاشتغال به وحده والتفكر في تحصيل مراضيه. ** قال الصنعاني في كتابه: (سبل السلام), (3/ 383): ** ( ... وَأَمَّا الْمَقْصُودُ مِنْهُ فَهُوَ جَمْعُ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْخَلْوَةِ مَعَ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ، وَالْإِقْبَالُ عَلَيْهِ تَعَالَى وَالتَّنَعُّمُ بِذِكْرِهِ وَالْإِعْرَاضُ عَمَّا عَدَاهُ). ** وانظر كتاب (زاد المعاد) (2 / 82): ** وكتاب: (موسوعة الفقه الإسلامي), (3/200) (5) الاعتكاف ليس خاصا بهذه الأمة: ** الاعتكاف مشروع في الأديان السابقة: ** قال تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}. ** وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟. قَالَ: فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ. متفق عليه. (6) فضل الاعتكاف: ** الاعتكاف -وإن كان قربة،- إلا أنه لم يرد في فضله حديث صحيح صريح. ** وفي كتاب: (المغني), لابن قدامة (3/ 186): ** قَالَ أَبُو دَاوُد: قُلْت لِأَحْمَدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ -: تَعْرِفُ فِي فَضْلِ الِاعْتِكَافِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، إلَّا شَيْئًا ضَعِيفًا. اهـ ** ولكن مشروعيته في قوله تعالي: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} ** ومواظبة الرسول له بعد قدومه إلى المدينة, ** وملازمة أصحابه وأزواجه له من بعده دليل علي فضله. ** وقد كان السلف يتعجبون لمن يترك الاعتكاف كما نقل الحافظ في الفتح عن ابن شهاب , كما تقدم. ** ومن الأحاديث الضعيفة والموضوعة في فضل الاعتكاف: ** صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته (ص: 1223) 12230 - من اعتكف إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه أخرجه الديلمي في الفردوس عن عائشة. قال الشيخ الألباني: (ضعيف). ** سلسلة الأحاديث الضعيفة (2/ 10) 518 - "من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين". موضوع . رواه البيهقي في "الشعب" من حديث الحسين بن علي مرفوعا وقال: "إسناده ضعيف ومحمد بن زاذان أي أحد رجاله متروك، وقال البخاري: لا يكتب حديثه . اهـ (7) وقت الاعتكاف: ** الِاعْتِكَاف مستحب في جميع أيام السنة. ** فقد ثبت في الصحيحين أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتكف في شوال . ** قال البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه (3 / 66): 14- باب الاعتكاف في شوال. 2041- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَة بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ ، وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ قَالَ : فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتَكِفَ فَأَذِنَ لَهَا فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَّةً فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ فَضَرَبَتْ قُبَّةً وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرَى فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْغَدِ أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبَابٍ فَقَالَ مَا هَذَا فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ فَقَالَ مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا آلْبِرُّ انْزِعُوهَا فَلاَ أَرَاهَا فَنُزِعَتْ فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي آخِرِ الْعَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ . ** وفي مسلم: ( ... حَتَّى اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ مِنْ شَوَّالٍ) ** وفي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ -يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْفِ نَذْرَكَ (بِنَذْرِكَ) فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً. ** وأفضله في رمضان لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا. رواه البخاري ** وأفضله في العشر الأواخر منه لحديث عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِه. متفق عليه (8) متى يبتدئ وقت الاعتكاف, ومتى ينتهي؟. ** اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: ** القول الأول: يدخل من بعد صلاة الصبح من يوم الحادي والعشرين. وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْث فِي أَحَد قَوْلَيْهِ. دليلهم حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ. ** القول الثاني : يدخل قبل غروب الشمس ليلة الحادي والعشرين. ** وهذا مذهب جمهور العلماء, واستدلوا بحديث أبي سعيد رضي الله عنه , وفيه: « ... مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ». ** وجه الدلالة: أن لفظ (العشر) بغير هاء عدد لليالي، وأول هذه الليالي ليلة إحدى وعشرين. ** والعشر الأواخر من رمضان تدخل من ليلة إحدى وعشرين وليس من فجر إحدى وعشرين" . ** وهذا هو الراجح لأمرين: ** أولاً: أن من مقاصد الاعتكاف التماس ليلة القدر، وهي ترجى في أوتار العشر، وأولها ليلة إحدى وعشرين. ** ثانياً : أن من دخل قبل الغروب صدق عليه أنه اعتكف العشر الأواخر بكاملها، أما من دخل بعد صلاة الفجر لم يصدق عليه أنه اعتكف العشر الأواخر كلها. ** قال ابن بطال في شرح صحيح البخارى ـ (4 / 178) : ** ( ... وذهب الأولون إلى أن النهار تبع لليل على كل حال، فلذلك بدءوا بالليل، وهذا هو الصحيح في هذه المسألة؛ لأن المعروف عند جميع الأمة تقدم الليل للنهار بكون الأهلة مواقيت للناس فى الشهور والعدد وغير ذلك ، فأول الشهر ليلة، فكذلك كل عدد من الأيام وإن قل فإن أوله ليلة، ولا حجة لمن خالف هذا والله أعلم). اهـ ** وأما حديث عائشة رضي الله عنها المذكور في الباب فمعناه: انقطع في معتكفه بعد صلاة الفجر للانفراد عن الناس بعد الاجتماع بهم في الصلاة، وكان قبل ذلك معتكفاً لابثاً في جملة المسجد، لا أن معناه أنه ابتدأ الاعتكاف بعد صلاة الفجر؛ إذ لو كان هذا هو المراد لما ذكرت معتكفه، وإنما تذكر المسجد؛ لأنه إذا دخل المسجد بدأ الاعتكاف بدخوله؛ لأن الاعتكاف يبدأ من دخول المسجد ونية الاعتكاف قبل صلاة الفجر. اهـ بتصرف من: (منحة العلام شرح بلوغ المرام), لعبدالله الفوزان (ص: 99) ** وفي شرح النووي على مسلم (8/ 68): ** قَوْله: (إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِف صَلَّى الْفَجْر ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفه) ** اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقُول: يَبْدَأ بِالِاعْتِكَافِ مِنْ أَوَّل النَّهَار، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْث فِي أَحَد قَوْلَيْهِ، ** وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد: يَدْخُل فِيهِ قَبْل غُرُوب الشَّمْس إِذَا أَرَادَ اِعْتِكَاف شَهْر أَوْ اِعْتِكَاف عَشْر، وَأَوَّلُوا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْمُعْتَكَف، وَانْقَطَعَ فِيهِ، وَتَخَلَّى بِنَفْسِهِ بَعْد صَلَاته الصُّبْح، لَا أَنَّ ذَلِكَ وَقْت اِبْتِدَاء الِاعْتِكَاف، بَلْ كَانَ مِنْ قَبْل الْمَغْرِب مُعْتَكِفًا لَابِثًا فِي جُمْلَة الْمَسْجِد ، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْح اِنْفَرَدَ. اهـ ** وأما مسألة متى ينتهي الاعتكاف ففيها خلاف على قولين أيضا: ** ففي كتاب: (منحة العلام شرح بلوغ المرام), لعبدالله الفوزان (ص: 100): ** وأما وقت خروج المعتكف فاستحب كثير من أهل العلم أن يكون عند خروجه لصلاة العيد، لكي يصل عبادة بعبادة. ** والقول الثاني: أنه يخرج إذا غربت الشمس ليلة العيد؛ لأن العشر الأواخر تنتهي بانتهاء الشهر، والشهر ينتهي بغروب الشمس من ليلة العيد، ** وهذا هو الأظهر؛ لقوة مأخذه، والله أعلم. اهـ ** وفي صحيح البخاري- ت/ الناصر (3/ 50) ** بَابُ مَنْ خَرَجَ مِنْ اعْتِكَافِهِ عِنْدَ الصُّبْحِ: 2040 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ خَالِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: وَأَظُنُّ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَبِيدٍ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ, فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ نَقَلْنَا مَتَاعَنَا. فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُعْتَكَفِهِ فَإِنِّي رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ, وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ, فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُعْتَكَفِهِ وَهَاجَتْ السَّمَاءُ فَمُطِرْنَا , فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَقَدْ هَاجَتْ السَّمَاءُ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا , فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ. ** وفي الموطأ - مشكول (1/ 248): ** باب خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ لِلْعِيدِ. 881 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اعْتَكَفَ، فَكَانَ يَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ تَحْتَ سَقِيفَةٍ، فِي حُجْرَةٍ مُغْلَقَةٍ، فِي دَارِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، ثُمَّ لاَ يَرْجِعُ حَتَّى يَشْهَدَ الْعِيدَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ. 882 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ رَأَى بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ، إِذَا اعْتَكَفُوا الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، لاَ يَرْجِعُونَ إِلَى أَهَالِيهِمْ، حَتَّى يَشْهَدُوا الْفِطْرَ مَعَ النَّاسِ. ** قَالَ زِيَادٌ قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ الْفَضْلِ الَّذِينَ مَضَوْا. وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ. اهـ ** وفي كتاب: (بداية المجتهد), لابن رشد القرطبي (ص: 263) ** وَأَمَّا وَقْتُ خُرُوجِهِ: فَإِنَّ مَالِكًا رَأَى أَنْ يَخْرُجَ الْمُعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ، وَأَنَّهُ إِنْ خَرَجَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَجْزَأَهُ. ** وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: بَلْ يَخْرُجُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. ** وَقَالَ سَحْنُونٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: إِنْ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ. ** وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ: هَلِ اللَّيْلَةُ الْبَاقِيَةُ هِيَ مَنْ حُكْمِ الْعَشْرِ أَمْ لَا؟. (9) أقل وقت يقع فيه الاعتكاف: ** وفي (فتح الباري), لابن حجر (6/ 311): ** وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ, وَاخْتَلَفُوا فِي أَقَلِّهِ: ** فَمَنْ شَرَطَ فِيهِ الصِّيَامَ, قَالَ: أَقَلُّهُ يَوْمٌ، ** وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَصِحُّ مَعَ شَرْطِ الصِّيَامِ فِي دُونِ الْيَوْمِ حَكَاهُ اِبْن قُدَامَةَ ** وَعَنْ مَالِك يُشْتَرَط عَشْرَة أَيَّام ، وَعَنْهُ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ، ** وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الصَّوْمَ قَالُوا: أَقَلُّهُ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اِسْم لُبْثٍ, وَلَا يُشْتَرَط الْقُعُود، ** وَقِيلَ: يَكْفِي الْمُرُورُ مَعَ النِّيَّة كَوُقُوفِ عَرَفَةَ، ** وَرَوَى عَبْد الرَّزَّاق عَنْ يَعْلَى أُمِّيَّة الصَّحَابِيّ "إِنِّي لَأَمْكُثُ فِي الْمَسْجِد السَّاعَةَ وَمَا أَمْكُثُ إِلَّا لِأَعْتَكِفَ". اهـ (10) شروط الاعتكاف: ** وفي كتاب: (الموسوعة الفقهية الكويتية), (2/ 1701): ** اتّفق الفقهاء على أنّه يصحّ الاعتكاف من الرّجل والمرأة والصّبيّ المميّز. ** واشترطوا لصحّة الاعتكاف الواجب والمندوب ما يلي: 1 - الإسلام: فلا يصحّ الاعتكاف من الكافر، لأنّه ليس من أهل العبادة. 2 - العقل: فلا يصحّ الاعتكاف من المجنون والسّكران والمغمى عليه. 3 - التّمييز: فلا يصحّ الاعتكاف من غير المميّز، إذ لا نيّة لهم ، والنّيّة في الاعتكاف واجبةٌ. ** أمّا الصّبيّ العاقل المميّز فيصحّ منه الاعتكاف، لأنّه من أهل العبادة، كما يصحّ منه صوم التّطوّع. 4 - النّقاء من الحيض والنّفاس: فلا يصحّ الاعتكاف من الحائض والنّفساء، لأنّهما ممنوعتان عن المسجد، ولا يصحّ الاعتكاف إلاّ في مسجدٍ. 5 - الطّهارة من الجنب: فلا يصحّ الاعتكاف من الجنب، لأنّه ممنوعٌ من اللّبث في المسجد. اهـ بتصرف يسير ** وفي كتاب: (شرح السنة), للبغوي (2/ 45): ** قَالَ الإِمَامُ: وَلا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ، وَلا لِلْحَائِضِ الْمَكْثُ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ، فَإِنِّي لَا أَحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلا جُنُبٍ » ** وَهَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. ** وَجَوَّزَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ الْمُرُورَ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَنَسٍ، وَجَابِرٍ. ** وَجَوَّزَ أَحْمَدُ، وَالْمُزَنِيُّ الْمَكْثَ فِيهِ، وَضَعَّفَ أَحْمَدُ الْحَدِيثَ، لأَنَّ رَاوِيَهُ أَفْلَتُ بْنُ خَلِيفَةَ مَجْهُولٌ، وَتَأَوَّلَ الآيَةَ عَلَى أَنَّ {عَابِرِي سَبِيلٍ}هُمُ الْمُسَافِرُونَ تُصِيبُهُمُ الْجَنَابَةَ، فَيَتَيَمَّمُونَ وَيُصَلُّونَ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. اهـ 6 - الصوم - على خلاف فيه -: والصحيح عدم اشتراطه. ** وفي سنن أبى داود (2/ 310): ** عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتِ: السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لاَ يَعُودَ مَرِيضًا وَلاَ يَشْهَدَ جَنَازَةً وَلاَ يَمَسَّ امْرَأَةً وَلاَ يُبَاشِرَهَا وَلاَ يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلاَّ لِمَا لاَ بُدَّ مِنْهُ وَلاَ اعْتِكَافَ إِلاَّ بِصَوْمٍ وَلاَ اعْتِكَافَ إِلاَّ فِى مَسْجِدٍ جَامِعٍ. ** قَالَ أَبُو دَاوُدَ: غَيْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ لاَ يَقُولُ فِيهِ: قَالَتِ السُّنَّةُ. ** قَالَ أَبُو دَاوُدَ: جَعَلَهُ قَوْلَ عَائِشَةَ. قال الألباني :حسن صحيح. ** وفي سنن الترمذى (6/ 201) : ** وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَغَيْرِهِمْ : لاَ اعْتِكَافَ إِلاَّ بِصَوْمٍ. ** وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صَوْمٌ إِلاَّ أَنْ يُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ صَوْمًا. ** وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِى الْجَاهِلِيَّةِ فَأَمَرَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْوَفَاءِ. وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. ** وفي كتاب: (اختلاف الأئمة العلماء), لابن هبيرة (1/ 260): ** واتفقوا على أنه لا يصح إلا بالنية. ** وأجمعوا على أنه يصح الاعتكاف في كل مسجد. ** إلا أحمد فإنه قال : لا يصح إلا في مسجد تقام فيه الجماعات. ** وأجمعوا على أنه لا يصح اعتكاف المرأة في بيتها. إلا أبا حنيفة فإنه قال : يجوز لها الاعتكاف في مسجد بيتها. ** وأجمعوا على أنه يجب على المعتكف الخروج إلى الجمعة. ** وأجمعوا على أنه إذا وجب عليه بالنذر اعتكاف أيام يتخللها يوم الجمعة أن المستحب له أن يعتكف في المسجد الذي تقام فيه الجمعة لئلا يخرج من معتكفة لها. ** ثم اختلفوا فيه إن لم يعتكف لهذا النذر في الجامع بل في مسجد تقام فيه الجماعات ثم خرج منه يوم الجمعة لصلاته هل يبطل اعتكافه بذلك؟ ** فقال أبو حنيفة وأحمد : لا يبطل اعتكافه بذلك. ** وقال مالك : يبطل اعتكافه على الإطلاق. ** وقال الشافعي في عامة كتبه: يبطل اعتكافه بذلك لأنه كان يمكنه الاحتراز من ذلك بالاعتكاف في الجامع. ** وقال الشافعي في البويطي خاصة: لا يبطل بالخروج إلى حاجة الإنسان. (11) ما يستحب للمعتكف, وما يكره له: ** وفي كتاب: (فقه السنة), -للسيد سابق (1/ 480): ** (ما يستحب للمعتكف, وما يكره له): ** يستحب للمعتكف أن يكثر من نوافل العبادات، ويشغل نفسه بالصلاة, وتلاوة القرآن, والتسبيح, والتحميد , والتهليل , والتكبير, والاستغفار, والصلاة والسلام على النبي صلوات الله وسلامه عليه, والدعاء، ونحو ذلك من الطاعات التي تقرب إلى الله تعالى, وتصل المرء بخالقه جل ذكره. ** ومما يدخل في هذا الباب دراسة العلم, واستذكار كتب التفسير والحديث, وقراءة سير الأنبياء والصالحين وغيرها من كتب الفقه والدين. ** ويستحب له أن يتخذ خباء في صحن المسجد ائتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم. ** ويكره له: أن يشغل نفسه بما لا يعنيه من قول أو عمل، ... ) ويكره له الامساك عن الكلام ظنا منه أن ذلك مما يقرب إلى الله عز وجل. ... ). (12) ما يباح للمعتكف: ** وفي كتاب: (فقه السنة), للسيد سابق (1/ 481): ** (ما يباح للمعتكف): ** يباح للمعتكف ما يأتي: 1 - خروجه من معتكفه لتوديع أهله، ** قالت صفية،كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا،. ..). 2 - ترجيل شعره , وحلق رأسه، وتقليم أظفاره , وتنظيف البدن من الشعث والدرن , ولبس أحسن الثياب , والتطيب بالطيب. ** قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون معتكفا في المسجد فيناولني رأسه من خلل الحجرة، فأغسل رأسه - " ** وقال مسدد فأرجله " وأنا حائض. رواه البخاري ومسلم وأبو داود. 3 - الخروج للحاجة التي لا بد منها، ** قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. ** وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول، لان هذا مما لا بد منه , ولا يمكن فعله في المسجد، ** وفي معناه : الحاجة إلى المأكول والمشروب إذا لم يكن له من يأتيه به فله الخروج إليه، ** وإن بغته القيء فله أن يخرج ليقيء خارج المسجد، ** وكل ما لا بد منه ولا يمكن فعله في المسجد فله خروجه إليه، ولا يفسد اعتكافه ما لم يطل. انتهى. ** ومثل هذا الخروج للغسل من الجنابة وتطهير البدن والثوب من النجاسة. ** روى سعيد بن منصور قال: قال علي بن أبي طالب: إذا اعتكف الرجل فليشهد الجمعة، وليحضر الجنازة، وليعد المريض وليأت أهله يأمرهم بحاجته وهو قائم. ** وأعان رضي الله عنه ابن أخته بسبعمائة درهم من عطائه أن يشتري بها خادما، فقال: إني كنت معتكفا، فقال له علي: وما عليك لو خرجت إلى السوق فابتعت؟ ** وعن قتادة: أنه كان يرخص للمعتكف أن يتبع الجنازة ويعود المريض ولا يجلس . ** وقال إبراهيم النخعي: كانوا يستحبون للمعتكف أين يشترط هذه الخصال - وهن له وإن لم يشترط - عيادة المريض، ولا يدخل سقفا، ويأتي الجمعة: ويشهد الجنازة، ويخرج إلى الحاجة. ** قال: ولا يدخل المعتكف سقيفة إلا لحاجة. ** قال الخطابي: وقالت طائفة للمعتكف أن يشهد الجمعة ويعود المريض، ويشهد الجنازة. ** روي ذلك عن علي رضي الله عنه، وهو قول سعيد بن جبير والحسن البصري والنخعي. ** وروى أبو داود عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر بالمريض وهو معتكف، فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه. ** وما روي عنها من أن السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا فمعناه : أن لا يخرج من معتكفه، قاصدا عيادته، وأنه، لا يضيق عليه أن يمر به فيسأل غير معرج عليه. 4 - وله أن يأكل ويشرب في المسجد وينام فيه، مع المحافظة على نظافته وصيانته، وله أن يعقد العقود فيه كعقد النكاح وعقد البيع والشراء، ونحو ذلك. (13) ما يبطل الاعتكاف: ** وفي كتاب: (فقه السنة), للسيد سابق (1/ 482) : ** (ما يبطل الاعتكاف): ** يبطل الاعتكاف بفعل شئ مما يأتي: 1 - الخروج من المسجد لغير حاجة عمدا وإن قل، فإنه يفوت المكث فيه، وهو ركن من أركانه. 2 - الرده. لمنافاتها للعبادة، ولقول الله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك). 3، 4، 5 - ذهاب العقل بجنون أو سكر. ** والحيض والنفاس، لفوات شرط التمييز والطهارة من الحيض والنفاس. 6 - الوطء لقول الله تعالى: (ولا تقربوهن وأنتم عاكفون في المساجد، تلك حدود الله فلا تقربوها) ولا بأس باللمس بدون شهوة، فقد كانت إحدى نسائه صلى الله عليه وسلم ترجله وهو معتكف، ** أما القبلة واللمس بشهوة فقد قال أبو حنيفة وأحمد : إنه قد أساء، لأنه قد أتى بما يحرم عليه، ولا يفسد اعتكافه إلا أن ينزل، وقال مالك: يفسد اعتكافه لأنها مباشرة محرمة فتفسد كما لو أنزل، ** وعن الشافعي روايتان كالمذهبين. ** قال ابن رشد: وسبب اختلافهم، هل الاسم المشترك، بين الحقيقة والمجاز له عموم أم لا , وهو أحد أنواع الاسم المشترك ؟ . ** فمن ذهب إلى أن له عموما قال: إن المباشرة في قوله تعالى: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) يطلق على الجماع وعلى ما دونه، ** ومن لم ير له عموما - وهو الأشهر الأكثر - قال: يدل إما على الجماع، وإما على ما دون الجماع، فإذا قلنا: إنه يدل على الجماع بإجماع، بطل أن يدل على غير الجماع، لأن الاسم الواحد لا يدل على الحقيقة والمجاز معا. ** ومن أجرى الإنزال بمنزلة الوقاع، فلأنه في معناه، ** ومن خالف فلأنه يطلق عليه الاسم حقيقة. اهـ (14) قضاء الاعتكاف: ** من شرع في الاعتكاف متطوعا ثم قطعه استحب له قضاءه, وقيل: يجب. ** فالمعتكف تطوعاً إذا أبطل اعتكافه بعد الشروع فيه، فإنه يستحب له القضاء ولا يلزمه، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة، وقولٌ للحنفية. الدليل: ** عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة، فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك زينب ابنة جحش أمرت ببناء، فبني لها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى انصرف إلى بنائه، فبصر بالأبنية فقال: ما هذا؟ قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آلبر أردن بهذا؟! ما أنا بمعتكف. فرجع، فلما أفطر اعتكف عشراً من شوال). أخرجه البخاري ومسلم. ** وجه الدلالة: ** أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهن بالقضاء، وقضاء النبي صلى الله عليه وسلم له لم يكن واجباً عليه, وإنما فعله تطوعاً; لأنه كان إذا عمل عملا أثبته. ** والمعتكف واجبا , وهو من نذر اعتكاف يومٍ أو عدة أيامٍ معينةٍ ففاتته أو بطل اعتكافه فيها بأحد مفسداته، فعليه قضاء اليوم أو الأيام التي فاتته، أو بطل اعتكافه فيها، وهذا قول الجمهور من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة. ** وذلك لأن الوفاء بالنذر واجب، فإذا فسد اعتكافه المنذور فإن النذر لا يزال باقياً ، فهو دينٌ في ذمته، وعليه قضاؤه. ** سنن الترمذى (3/ 363) ** وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يَعْتَكِفُ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ عَامًا فَلَمَّا كَانَ فِى الْعَامِ الْمُقْبِلِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ. ( وصححه الألباني ) ** قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. ** وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُعْتَكِفِ إِذَا قَطَعَ اعْتِكَافَهُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهُ عَلَى مَا نَوَى ** فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا نَقَضَ اعْتِكَافَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. ** وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ مِنِ اعْتِكَافِهِ فَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. ** وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نَذْرُ اعْتِكَافٍ أَوْ شَيءٌ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا فَخَرَجَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِىَ إِلاَّ أَنْ يُحِبَّ ذَلِكَ اخْتِيَارًا مِنْهُ وَلاَ يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِىِّ. ** قَالَ الشَّافِعِىُّ: فَكُلُّ عَمَلٍ لَكَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ فِيهِ فَإِذَا دَخَلْتَ فِيهِ فَخَرَجْتَ مِنْهُ فَلَيْسَ عَلَيْكَ أَنْ تَقْضِىَ إِلاَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ. وَفِى الْبَابِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. ** والله الموفق. ** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي ** الثلاثاء 19 / 9 / 1441 هـ. ** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط : انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441 ==============
مشرف تقني