binthabt.al3ilm.net
1441{34} ما أسرع انقضاء الأيام والليالي
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ: 34- ما أسرع انقضاء الأيام والليالي ** ما أسرع مرور الأيام والليالي , فبالأمس القريب كان الناس ينتظرون شهر رمضان بكل شوق وحنين ورغبة ولهفة, ** وكانوا يدعون الله سبحانه وتعالى ليلهم ونهارهم أن يمن عليهم بتبليغهم هذا الشهر العظيم والضيف الكريم, وهم في أتم الصحة والعافية. ** وعقدوا في قلوبهم وعزموا في نفوسهم أنهم سيجتهدون في الطاعة والعبادة اجتهادا عظيما. ** فلما حقق الله مرادهم وأجاب دعاءهم رجع كثير منهم إلى الورى, فانحل عقده وضعف عزمه, وآثر الكسل والراحة, ومال إلى اللعب والبطالة , ولا حول ولا قوة إلا بالله. ** أيها الأخوة الكرام: إن ضيفكم عجول لن ينتظر أحدا, فها هو قد مر ثلثه الأول مرا سريعا كأنه يوم أو بعض يوم. ** وهذا الأمر -وهو سرعة مرور الزمان- معدود في علامات الساعة. ** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ, فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ, وَيَكُونُ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ, وَتَكُونُ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ, وَيَكُونُ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ, وَتَكُونُ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ ـ أو الخُوصَةِـ) [رواه ابن حبان وغيره, وصححه الشيخان: الألباني والوادعي] ** وكما مر هذا الثلث الأول, سيمر بعده الثاني والثالث. ** وهكذا تمر أعمارنا وتنتهي آجالنا ونحن في غفلة, فلا نستفيق إلا عند الموت. ** فمن كان حافظا لوقته, ساعيا في مرضات ربه, مستغلا حياته وصحته في اغتنام مواسم الخيرات والبركات بالأعمال الصالحات, فليحمد الله الذي وفقه, وليسأله المزيد من فضله, {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76],{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17]. ** ومن كان مضيعا لوقته, متكاسلا عن طاعة ربه, فليستيقظ من نومه, وليستفق من غفلته, وليستعن بالله ربه في استدراك ما فاته؛ فإن سوق الخير ما زال قائما, والفرصة لا زالت سانحة. ** فبادر أخي الحبيب, وسابق ونافس في أن تأخذ نصيبك الكثير والكبير من هذا الخير الوفير. ** وإياك إياك أن تقنع بالشيء اليسر الذي لا يبلغك المنازل الرفيعة والدرجات العالية. ** وكما قيل: فكن رجلا رجله في الثرى * وهامة همته في الثريا ** وقال ابن رجب في كتاب: (لطائف المعارف), (ص: 183), وهو يحث على اغتنام النصف الثاني من رمضان: ** عباد الله : شهر رمضان قد انتصف , فمن منكم حاسب نفسه فيه لله وانتصف. ** من منكم قام في هذا الشهر بحقه الذي عرف. ** من منكم عزم قبل غلق أبواب الجنة أن يبني له فيها غرفا من فوقها غرف. ** ألا إن شهركم قد أخذ في النقص فزيدوا أنتم في العمل فكأنكم به وقد انصرف. ** فكل شهر فعسى أن يكون منه خلف , وأما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف. تنصف الشهر والهفاه وانهدما * واختص بالفوز بالجنات من خدما وأصبح الغافل المسكين منكسرا * مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما من فاته الزرع في وقت البدار فما * تراه يحصد إلا الهم و الندما طوبى لمن كانت التقوى بضاعته * في شهره وبحبل الله معتصما ** وفي كتاب: (الجواب الكافي), لابن القيم (ص: 156): ** (فَوَقْتُ الْإِنْسَانِ هُوَ عُمُرُهُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ مَادَّةُ حَيَاتِهِ الْأَبَدِيَّةِ فِي النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَمَادَّةُ الْمَعِيشَةِ الضَّنْكِ فِي الْعَذَابِ الْأَلِيمِ، ** وَهُوَ يَمُرُّ أَسْرَعَ مِنَ السَّحَابِ، ** فَمَا كَانَ مِنْ وَقْتِهِ لِلَّهِ وَبِاللَّهِ فَهُوَ حَيَاتُهُ وَعُمُرُهُ، ** وَغَيْرُ ذَلِكَ لَيْسَ مَحْسُوبًا مِنْ حَيَاتِهِ، وَإِنْ عَاشَ فِيهِ عَاشَ عَيْشَ الْبَهَائِمِ، ** فَإِذَا قَطَعَ وَقْتَهُ فِي الْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ وَالْأَمَانِيِّ الْبَاطِلَةِ، وَكَانَ خَيْرَ مَا قَطَعَهُ بِهِ النَّوْمُ وَالْبِطَالَةُ، فَمَوْتُ هَذَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ حَيَاتِهِ. اهـ ** وفي كتاب (الزهد الكبير), للبيهقي (ص: 235): ** قال مَحْمُودُ بْنُ الْحَسَنِ [الورّاق]: مَضَى أَمْسُكَ الْمَاضِي شَهِيدًا مُعَدَّلًا * وَأَعْقَبَهُ يَوْمٌ عَلَيْكَ جَدِيدُ فَإِنْ كُنْتَ بِالْأَمْسِ اقْتَرَفْتَ إِسَاءَةً * فَثَنِّ بِإِحْسَانٍ وَأَنْتَ حَمِيدُ فَيَوْمُكَ إِنْ أَعْتَبْتَهُ عَادَ نَفْعُهُ * عَلَيْكَ وَمَاضِي الْأَمْسِ لَيْسَ يَعُودُ وَلَا تُرْجِ فِعْلَ الْخَيْرِ يَوْمًا إِلَى غَدٍ * لَعَلَّ غَدًا يَأْتِي وَأَنْتَ فَقِيدُ ** وفي كتاب (جامع العلوم والحكم) , (2/ 382) ** وَمِمَّا أَنْشَدَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا * وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ مُجْتَهِدًا * فَإِنَّمَا الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ فِي الْعَمَلِ . ** أسأل الله الكريم المنان ذا الفضل والجود والإحسان أن يأخذ بأيدينا ونواصينا إلى البر والتقوى, وأن يوفقنا للعمل الذي يحب ويرضى. ** والله الموفق. ** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي ** الأربعاء 13 / 9 / 1441 هـ. ** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط : انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441 ==============
مشرف تقني