binthabt.al3ilm.net
1441{24} شرح وجيز لقول الله العزيز:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ: 24- شرح وجيز لقول الله العزيز:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ** قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} هذا نداء تشريف وتكريم من الرب الكريم لعباده المؤمنين الذين صدّقوا وأقروا به ربا وإلها , فامتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه ووقفوا عند حدوده. ** قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/ 200): ** قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ: إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فَأَوْعِهَا سَمْعَكَ فَإِنَّهُ خَيْرٌ مَا يُأْمَرُ بِهِ أَوْ شَرٌّ يُنْهَى عَنْهُ. اهـ ** وقد وقع نداء الرب الكريم لعباده المؤمنين في القران العظيم في تسعين موضعا تقريبا, أولها قوله تعالى - في سورة البقرة-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ** وآخرها قوله تعالى – في سورة التحريم -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. ** وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} أي فرض الله عليكم الصيام فرضا لازما. ** عَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ" متفق عليه. ** قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في كتابه (المغني), (6 / 30): ** وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ. اهـ ** وَالصَّوْمُ وَالصِّيَامُ فِي اللُّغَةِ: الإِمساك عن أي شيء مطلقا, من طعام , أو شراب، أو كلام، أو غيره. ** وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ مَرْيَمَ: {إنِّي نَذَرْت لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} أَيْ إمْسَاكًا وَسُكُوتًا عن الكلام. ** وشرعا: الْإِمْسَاكُ بنية عَنِ المفطرات من أَكْلِ وشُّرْبِ وجِمَاعِ ونحوها , مِنِ طلوع الْفَجْرِ الصادق إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. ** قال تعالى: { وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ}. ** وَفرض صَيامِ رَمَضَانَ فِي شهر شعبان في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ اتفاقا. ** قال ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم (زاد المعاد), (2 / 29): ** وَكَانَ فَرْضُهُ فِي السّنَةِ الثّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ, فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ صَامَ تِسْعَ رَمَضَانَاتٍ. اهـ ** ويجب الصيام على (كل مسلم، بالغ، عاقل، مقيم ، قادر على الصوم, ذكراً كان أو أنثى، خالٍ من الموانع, كالحيض والنفاس، وهذا خاص بالنساء). ** وقوله تعالى: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ}أي أن الله فرض الصيام على هذه الأمة، وعلى غيرها من الأمم السابقة، لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان. ** فَلَكم أيها المؤمنون فِيمن سبقكم أُسْوَةٌ، فاجتهدوا فِي أَدَاءِ هَذَا الْفَرْضِ أَكْمَلَ مِمَّا فَعَلَهُ أُولَئِكَ. ** وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي أن الحكمة من فرضية الصيام تحقيق التقوى. ** قال العلامة السعدي في تفسيره: (تيسير الكريم الرحمن), (ص: 86): ** ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ** فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه. ** فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقربا بذلك إلى الله، راجيا بتركها، ثوابه، فهذا من التقوى. ** ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه، مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه، ** ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام، يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي، ** ومنها: أن الصائم في الغالب، تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى، ** ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع، أوجب له ذلك، مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى. اهـ ** والله الموفق. ** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي ** السبت 2 / 9 / 1441 هـ. ** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط : انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441 ==============
مشرف تقني