سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
23- تذكير الصوام بالحكمة من فرضية الصيام
** إن من أسماء الله الحسنى (الحكيم), والحكيم مشتق من الحِكْمة.
والحكمة: إتقان الأمور ووضعها في مواضعها.
** ومقتضى هذا الاسم أن جميع أحكام الله جل وعلا في غاية الحكمة والكمال والإتقان.
** فلا يشرع أمراً إلا وفيه مصلحة للعباد، علم ذلك من علمه، وجهله من جهله،
** وإن مما شرع الله لعباده عبادة الصيام المشتملة على المصالح العظيمة التي أجملها الله سبحانه وتعالى في قوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
** فالوصول إلى التقوى هو الهدف الأسمى والغاية العظمى من فرضية
الصيام.
** والتقوى: هي امتثال أوامر الله طمعا في ثوابه واجتناب نواهيه خوفا من عقابه.
** وقد ذكر العلماء رحمهم الله بعض الحكم من مشروعية الصيام، وكلها أو جلها من خصال التقوى،
** ولكن لا بأس من ذكر بعضها ، ليتنبه الصائم لها، ويحرص على تحقيقها.
** فمن حكم الصوم:
1 أَنَّ الصَّوْمَ وَسِيلَةٌ إلَى شُكْرِ النِّعْم , فالصيام هُوَ كَفُّ النَّفْسِ عَنْ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ ,
** وهذه مِنْ أَجَلِّ النِّعَمِ وَأَعْلاهَا, وَالامْتِنَاعُ عَنْهَا زَمَانًا مُعينا يُعَرِّفُ قَدْرَهَا, إذْ النِّعَمُ مَجْهُولَةٌ,
** فَإِذَا فُقِدَتْ عُرِفَتْ, فَيَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى أداءِ حَقِّهَا بِالشُّكْرِ.
2 أَنَّ الصَّوْمَ وَسِيلَةٌ إلَى ترك المحرمات , لأَنَّهُ إذَا انْقَادَتْ النَفْسٌ لِلامْتِنَاعِ عَنْ الْحَلالِ طَمَعًا فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى , وَخَوْفًا مِنْ عِقَابِهِ , فَأَوْلَى أَنْ تَنْقَادَ لِلامْتِنَاعِ عَنْ الْحَرَامِ , فَكَانَ الصَّوْمُ سَبَبًا لاتِّقَاءِ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى.
3 أَنَّ فِي الصَّوْمِ التغلب على الشَّهْوَةِ, لأَنَّ النَّفْسَ إذَا شَبِعَتْ تَمَنَّتْ الشَّهَوَاتِ, وَإِذَا جَاعَتْ امْتَنَعَتْ عَمَّا تَهْوَى, وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ: مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ; فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ, وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ , وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ, فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ).
4 أَنَّ الصَّوْمَ مُوجِبٌ لِلرَّحْمَةِ وَالْعَطْفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ, فَإِنَّ الصَّائِمَ إذَا ذَاقَ أَلَمَ الْجُوعِ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ, ذَكَرَ مَنْ هَذَا حَالُهُ فِي جَمِيعِ الأَوْقَاتِ, فَيُحمله ذلك على الرَّحْمَة بِهِ, والإِحْسَانِ إلَيْهِ, فكان الصوم سبباً للعطف على المساكين.
5 أَنَّ فِي الصَّوْمِ قَهْرا لِلشَّيْطَانِ، وإضعافا له, فتضعف وسوسته للإنسان، فتقل منه المعاصي، وذلك لأن (الشَّيْطَان يَجْرِيَ مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فبالصيام تضيق مجاري الشيطان فيضعف ، ويقل نفوذ.
** قال شيخ الإسلام كما في “مجموع الفتاوى” (25/246):
** (… ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ مَنْعُ الصَّائِمِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ}
** وَلَا رَيْبَ أَنَّ الدَّمَ يَتَوَلَّدُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ.
** وَإِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ اتَّسَعَتْ مَجَارِي الشَّيَاطِينِ.
** وَإِذَا صام ضَاقَتْ مَجَارِي الشَّيَاطِينِ الَّذِي هُوَ الدَّمُ.
** وَإِذَا ضَاقَتْ انْبَعَثَتْ الْقُلُوبُ إلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكِ الْمُنْكَرَاتِ. اهـ
بتصرف.
6 أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى ، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه ، لعلمه باطلاع الله عليه.
7 أَنَّ في الصيام التزهيد في الدنيا وشهواتها، والترغيب فيما عند الله تعالى.
8 أَنَّ في الصيام تعويد المؤمن على الإكثار من الطاعات ، وذلك لأن الصائم في الغالب تكثر طاعته فيعتاد ذلك.
** انظر:
** (تفسير السعدي) (ص: 86).
** و(فصول في الصيام والتراويح والزكاة) لابن عثيمين (ص: 3).
** و(الموسوعة الفقهية) (28/9).
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** السبت 2 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============