** إن من رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعل لعباده المؤمنين مواسم الخيرِ وميادين البرّ يتسابقون فيها بالأعمال الصالحات.
** وإن من أعظم هذه المواسم شهر رمضان المبارك الذي جعله الله مِضْمَارا للمؤمنين الراغبين في فعل الخيرات التي تبلغهم أرفع الدرجات.
** فينبغي لكل عاقل لبيب أن يشمر عن ساعد الجد ، ويبذل قصارى جهده في التزود من العمل الصالح الذي يوصله إلى الدرجات العلى والمنازل الرفيعة .
** ورمضان وقته قصير فلا يحتمل التقصير ، وهو زمن عبور فلا يحتمل الفتور ؛ ولهذا قال الله 🙁 أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ ) لينبه العباد على استغلال أوقاتهم بالأعمال الصالحات بشتى أنواعها .
** ومما يعين على اغتنام أوقات رمضان أن يجعل العبد لنفسه جدولا منسقا يوزع فيه الأعمال الصالحة على حسب الأوقات .
** ومن باب المشاركة في الخير أضع بين يدي القارئ الكريم هذه الجدول ، فإن ناسبه فبها ونعمت ، وإلا فلينظر لنفسه جدولا آخر يحفظ به أقاته من الضياع .
** ولنبدأ في هذا الجدول من صلاة الفجر .
(1) الحرص على الصف الأول ، فإن لم يتيسر فالثاني أو الثالث :
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللَّه عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا » متفق عليه .
** وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي اللَّه عنه ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَى نَاحِيَةٍ يَمْسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا وَيَقُولُ: «لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ» وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْأُوَلِ » رواه أبو داود وغيره [وصححه الشيخان ]
(2) الترديد بعد المؤذن ثم ذكر الدعاء الوارد .
** عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي اللَّه عنهما ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ » رواه مسلم .
(3) أداء نافلة الفجر ، ركعتين خفيفتين ، والاقتصار عليهما .
** عَنْ حَفْصَةَ رضي اللَّه عنها ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ». متفق عليه ، وهذا لفظ مسلم .
(4) الدعاء بين الأذان والإقامة .
** عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي اللَّه عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ » رواه أبو داود وغيره
[وصححه الألباني ]
(5) أداء صلاة الفجر جماعة في المسجد .
** عَنْ جُنْدَبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي اللَّه عنه ، قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ » رواه مسلم .
(6) قراءة أذكار الصلاة ، ثم أذكار الصباح .
(7) قراءة ما تيسر من القران حتى تطلع الشمس .
(8) صلاة ركعتين أو أربع .
** عَنْ أَنَسٍ رضي اللَّه عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ»، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ » . رواه الترمذي [وصححه الألباني ]
** وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رضي اللَّه عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِنَّ اللهَ يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، اكْفِنِي أَوَّلَ النَّهَارِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، أَكْفِكَ بِهِنَّ آخِرَ يَوْمِكَ ” رواه أحمد ، [وصححه الألباني ]
(9) النوم إلى قبل الظهر بساعة أو ساعتين ، ثم يقوم فيتوضأ ويصلي ركعتين أو أكثر صلاة الأوابين ، وهي من صلاة الضحى .
** عَنِ الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِيِّ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رضي اللَّه عنه ، رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى، فَقَالَ: أَمَا لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: « صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ » رواه مسلم .
** وفي شرح النووي على مسلم (6/ 30):
( صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ ) هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ ، يُقَالُ : ( رَمِضَ يَرْمَضُ) كَعَلِمَ يَعْلَمُ ، وَ( الرَّمْضَاءُ ) : الرَّمَلُ الَّذِي اشْتَدَّتْ حَرَارَتُهُ بِالشَّمْسِ ، أَيْ حِينَ يَحْتَرِقُ أَخْفَافُ الْفِصَالِ ، وَهِيَ الصِّغَارُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِبِلِ ، جَمْعُ فَصِيلٍ مِنْ شِدَّةِ حَرِّ الرَّمْلِ وَ( الْأَوَّابُ ) : الْمُطِيعُ ، وَقِيلَ : الرَّاجِعُ إِلَى الطَّاعَةِ . اهـ
(10) قراءة القران حتى أذان الظهر .
(11) يفعل في صلاة الظهر ما فعله في صلاة الفجر من :
** المسابقة على الصف الأول .
** وترديد الأذان .
** وصلاة نافلة الظهر القبلية والبعدية .
** والدعاء بين الأذان والإقامة .
(12) حضور درس علمي في أحكام الصيام ، أو في غيره من الدروس النافعة التي لا تأخذ وقتا كثيرا .
** وطلب العلم من أعظم العبادات وأجل القربات التي ترفع العبد درجات .
** عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي اللَّه عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ » رواه ابن ماجه ، [وصححه الألباني ] .
(13) قراءة القران قدر ساعة .
(14) النوم إلى قبيل العصر ، للاستعانة به على قيام الليل .
(15) يفعل في صلاة العصر ما فعله في صلاة الفجر والظهر كما تقدم .
(16) حضور درس علمي نافع بعد العصر ، كما تقدم الكلام عليه .
(17) قراءة القران قدر ساعة أو أكثر .
(18) قراءة أذكار المساء .
(19) الإفطار – وقت المغرب – على رطب وماء ، فإن لم يجد فعلى تمر وماء ، فإن لم يجد فعلى ما تيسر من الحلال الطيب .
** عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي اللَّه عنه قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ ” رواه أحمد وغيره ، [وصححه الألباني]
(20) يفعل في صلاة المغرب ما فعله في صلاة الفجر والظهر كما تقدم .
(21) عشاء خفيف ترجع به النفس ولا يثقل عن العبادة .
(22) التبكير لصلاة العشاء ، ويفعل فيها ما فعله في صلاة الفجر والظهر كما تقدم .
(23) صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف .
** عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي اللَّه عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ ” رواه الإمام أحمد وغيره ، [وصححه الشيخان : الألباني والوادعي]
(24) مجاهدة النفس في تدبر القران عند سماعه .
(25) الإتيان بالذكر المأثور بعد صلاة التراويح .
** عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى رضي اللَّه عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ،
وَكَانَ يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ: « سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ » ثَلَاثًا، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالثَّالِثَةِ .
رواه النسائي ، [وصححه الألباني ] .
(26) الرجوع إلى البيت لتناول وجبة العشاء .
(27) الجلوس مع الأهل والأولاد للمؤانسة والنصح والإرشاد .
(28) قراءة القران قدر ساعة أو أكثر .
(29) النوم ، لإعطاء البدن راحته ، إلى وقت السحور .
(30) تناول وجبة السحور ، ولو بشربة ماء .
** عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً » متفق عليه
** عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي اللَّه عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ ” رواه أحمد ، [وحسنه الألباني]
(31) اغتنام وقت السحر بالدعاء والاستغفار .
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ” متفق عليه
(32) الحرص – في أثناء هذه الأوقات من ليل أونهار – على :
** كثرة الاستغفار .
** كثرة التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير .
** كثرة قول ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) .
** كثرة قول ( لا إله إلا الله )
** كثرة قول ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ) .
** كثرة قول (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) .
** كثرة الصدقة على المحتاجين .
** كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
** البشاشة والطلاقة والابتسامة في وجوه الآخرين .
** مساعدة الآخرين ، من أقارب وجيران وأصدقاء في قضاء حوائجهم .
** استعمال السواك ، خاصة عند قراءة القران .
(تنبيه ):
من لم يستطع فعل هذه الأمور كلها لعذر أو لآخر فليأت منها بما يستطيع .
والغرض هو صرف الوقت في طاعة الله سبحانه وتعالى .
** والله الموفق .
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الثلاثاء 4 / 9 / 1438 هـ